Ads 468x60px

الأحد، 1 يوليو 2012

صور نادرة من مكة والمدينة والقاهرة

في غرفة الكتب في قاعة مزادات سوذبي بوسط لندن تقبع مفاجأة لهواة كتب الرحلات والتاريخ. فالقاعة التي امتلأت اركانها بخزانات الكتب بينما احتلت احد الحوائط مجموعة من الخرائط القديمة للعالم، تضم في داخلها صور تاخذ المشاهد لها إلى أماكن وأزمنة بعيدة لم يبق منها الكثير.

في المزاد الذي يقام غدا تعرض مجموعة متميزة ونادرة من كتب السفر والرحلات والصور والخرائط التي يعود تاريخ بعضها الى القرن الخامس عشر الى جانب مجموعة من الصور والكتب النادرة والتي تصور رحلات لاقطيها الى الاراضي المقدسة والصحراء الكبرى.


ورغم تعدد المعروضات الا ان مجموعتين منها تبرزان وتجذبان الاهتمام بشكل واضح. وسر الجاذبية هنا من الصعب تلخيصه في عامل واحد فالمجموعتان تضمان مجموعة نادرة من الوثائق والصور ما يأخذ الالباب وكلاهما ترتبطان بالعالم العربي والاسلامي. المدهش في المجموعتين انهما نتاج جهد رجلين اخذتهما رحلاتهما الى الجزيرة العربية وليبيا وسجلا انطباعاتهما بالقلم والصور فيما اصبح بالنسبة لنا الان قطعة فريدة من التسجيل الحي لتاريخ قريب.


محمد أفندي سعودي، موظف بوزارة العدل المصرية تخصص في فحص الوثائق المزورة، قد يكون عمله هذا روتينيا ولكنه أعطاه عينا مدربة أحبت الكاميرا. وعند قيامه برحلة الحج مع المحمل المصري في بداية القرن التاسع عشر برفقة إبراهيم رفعت باشا، قام محمد أفندي سعودي بالتقاط صور لمكة والمدينة أبرز فيها الطراز المعماري السائد وطبيعة المباني حول الحرمين. ورغم أن الصور قد تعتبر تسجيلية بحتة الا أنها تعكس أيضا عيني فنان. فاللقطات التي أخذها محمد أفندي للمحمل ولمسجد الرسول الكريم في المدينة، تمثل لقطات بارعة تحمل قيمة فنية الى جانب قيمتها التاريخية الواضحة لنا الان. جالت كاميرا محمد أفندي داخل الحرمين وحولهما مسجلة للتاريخ مواقع اختفى معظمها الان وصور أشخاص غير معروفين وإن كان يمكن للمرء استخلاص الكثير عن الفترة والظروف التي عاش فيها هؤلاء الاشخاص. ويعرض المزاد أيضا نسخة لكتاب «مرآة الحرمين» الذي ألفه رفعت باشا ويسرد فيه وقائع رحلاته الى مكة والمدينة في الفترة من 1901 الى 1908 كذلك الكتاب الذي ألفه علي بك حافظ بعنوان «الاصلاحات اللازمة لمرافق الحرمين الشريفين» وعليه إهداء من المؤلف لمحمد أفندي.


من الصور البديعة والتي تؤرخ لرحلة الحج التي قام بها محمد أفندي صورة نادرة للمحمل المصري والذي كان يحمل كسوة الكعبة الشريفة ويرسل كل عام من مصر الى الحجاز. وفي الخزانة الزجاجية التي عرضت فيها الصور التي التقطتها عدسة سعودي وضعت كاميرا صغيرة عتيقة الطراز لا يوحي مظهرها بجمال وابداع ما رأته عدستها والتقطته.


ويبدو أن كنز الذكريات الذي تركه محمد أفندي سعودي سيكون محط الانظار في المزاد المرتقب فإلى جانب الكتب والصور الي أرخت لرحلة في العشرينات من القرن الماضي للحجاز هناك أيضا مخطوطات نادرة بخط اليد للمفكر الاسلامي محمد عبده أهداها الشيخ الى محمد أفندي سعودي وهناك أيضا صورة فوتوغرافية تجمع بين الرجلين.


تتضمن مخطوطات الشيخ محمد عبده ترجمة لكتاب الجمهورية لأفلاطون ونصوص أخرى تتضمن كتابه الشهير «رسالة التوحيد» وأعدادا من «العروة الوثقى» وهي المجلة التي أصدرها الشيخ محمد عبده بالاشتراك مع المفكر الاسلامي جمال الدين الافغاني. ويشير ريتشارد فاتوريني من قسم المخطوطات والكتب بدار سوذبي الى أهمية المخطوطات التي ترجع للشيخ محمد عبده، خاصة ان عدد المخطوطات الموجود حاليا للشيخ محمد عبده هو أربعة فقط لكن مع اكتشاف المخطوطات الجديدة الثلاث فإن ذلك سيمثل «أمرا رائعا للدارسين والمكتبات المتخصصة» ويذكر فاتوريني أن عائلة محمد أفندي سعودي التي احتفظت بمخطوطات الشيخ محمد عبده لم تدرك مدى ندرة تلك المخطوطات التي ستتخاطفها الايدي عند بيعها ويتوقع لها سعر ما بين 12 و 18 ألف جنيه استرليني.


والشيخ محمد عبده ولد في عام 1849 في عائلة متواضعة في دلتا النيل وتعلم في الأزهر قبل ان يصبح أحد أهم الداعين لتجديد الفكر الاسلامي اعتمادا على الاجتهاد، مقتفيا في ذلك أثر جمال الدين الافغاني الذي قابله محمد عبده في المنفى في باريس.


رجل آخر حلت ذكرياته ضيفا على دار سوذبي في مجموعة انيقة متكاملة من الصور وقصاصات الصحف تروي سنوات قضاها أحمد محمد حسنين باشا في خدمة ملكي مصر السابقين الملك فؤاد والملك فاروق. المعروف عن أحمد محمد حسنين باشا أنه كان رئيسا للديوان الملكي في عهد الملك فاروق وكان رائدا للملك ومستشاره. ولكن حسنين باشا كان أيضا رحالة يعشق الصحراء وسجل وقائع احدى رحلاته الى ليبيا بالصور وأيضا بكتاب «الواحة المفقودة» الذي صدر بالانجليزية عام 1926. يقول فاتوريني إن حسنين باشا كان رجلا متنوع الاهتمامات فهو رحالة ومستكشف، تخرج من جامعة أكسفورد وقام برحلة مشهورة بالطائرة من لندن الى القاهرة.


ويتضح للمتصفح في مجموعة الصور التي تركها حسنين باشا كم من الاهتمام والعناية التي حفظت بها وكذلك المجلدات الانيقة والتي تحمل قصاصات الصحف التي تحمل صوره وأخباره، سواء أكان ذلك في مهامه الرسمية في مصر أو رحلته مع الملك فؤاد الى بريطانيا في عام 1927 والتي أرخ لها حسنين باشا بمجلدين من القصاصات من الجرائد العربية والبريطانية والتي عكست الحفاوة التي استقبل بها الملك في بريطانيا. هناك أيضا البوم يصور حسنين باشا مع أفراد العائلة المالكة المصرية وبرفقة الملك فاروق في المهام الرسمية والاحتفالات. وبالنسبة للكثيرين ممن يهتمون بتاريخ مصر الحديث فإن تلك الصور ترسم صورة قريبة من البلاط الملكي والملك فاروق الذي اختلفت حوله الروايات.


والطريف في مجموعة صور حسنين باشا هو وجود صورة للمصور محمد الغزولي الذي قام بالتقاط الصور له حاملا الكاميرا امام احد القصور الملكية.


مجموعة حسنين باشا يتوقع لها سعر يتراوح ما بين 25 الف الى 35 الف جنيه استرليني.


وفي جانب آخر من حجرة العرض بسوذبي تقبع مجموعة «أبو نظارة» وهي المجلة الساخرة التي أصدرها يعقوب صنوع في القاهرة في عام 1877. وعرف صنوع بسخريته الحادة وهو ما أهله للقب «موليير مصر» الذي عرف به. وصنوع هو أحد رواد المسرح المصري والصحافة المصرية الساخرة. ومن الصحف التي أصدرها تعتبر «أبو نظارة» هي الاشهر. وفي مرحلة من حياته نفي يعقوب صنوع الى باريس والتقى هناك مع جمال الدين الافغاني والشيخ محمد عبده ومصطفى كامل وغيرهم.


وعلى الرغم من الجانب العربي من المعرض قد يستحوذ على اهتمام الزائر المهتم الا انه من عدم الانصاف إغفال بقية الاقسام التي تضم مجموعة بديعة من الخرائط المرسومة باليد والمصورة باشخاص وأشكال تدل على كل بلد وطبيعتها. الى ذلك هناك العديد من كتب الرحلات والمجلات المتخصصة في التاريخ الطبيعي والتي تحفل برسومات شديدة الدقة والندرة لا يمل المشاهد من النظر اليها.


ويبقى القول بأن كل التوقعات تشير الى أن المزاد في الغد سيغلب عليه الحماس والترقب وتوقع الاسعار المفاجئة.






في غرفة الكتب في قاعة مزادات سوذبي بوسط لندن تقبع مفاجأة لهواة كتب الرحلات والتاريخ. فالقاعة التي امتلأت اركانها بخزانات الكتب بينما احتلت احد الحوائط مجموعة من الخرائط القديمة للعالم، تضم في داخلها صور تاخذ المشاهد لها إلى أماكن وأزمنة بعيدة لم يبق منها الكثير.

في المزاد الذي يقام غدا تعرض مجموعة متميزة ونادرة من كتب السفر والرحلات والصور والخرائط التي يعود تاريخ بعضها الى القرن الخامس عشر الى جانب مجموعة من الصور والكتب النادرة والتي تصور رحلات لاقطيها الى الاراضي المقدسة والصحراء الكبرى.


ورغم تعدد المعروضات الا ان مجموعتين منها تبرزان وتجذبان الاهتمام بشكل واضح. وسر الجاذبية هنا من الصعب تلخيصه في عامل واحد فالمجموعتان تضمان مجموعة نادرة من الوثائق والصور ما يأخذ الالباب وكلاهما ترتبطان بالعالم العربي والاسلامي. المدهش في المجموعتين انهما نتاج جهد رجلين اخذتهما رحلاتهما الى الجزيرة العربية وليبيا وسجلا انطباعاتهما بالقلم والصور فيما اصبح بالنسبة لنا الان قطعة فريدة من التسجيل الحي لتاريخ قريب.


محمد أفندي سعودي، موظف بوزارة العدل المصرية تخصص في فحص الوثائق المزورة، قد يكون عمله هذا روتينيا ولكنه أعطاه عينا مدربة أحبت الكاميرا. وعند قيامه برحلة الحج مع المحمل المصري في بداية القرن التاسع عشر برفقة إبراهيم رفعت باشا، قام محمد أفندي سعودي بالتقاط صور لمكة والمدينة أبرز فيها الطراز المعماري السائد وطبيعة المباني حول الحرمين. ورغم أن الصور قد تعتبر تسجيلية بحتة الا أنها تعكس أيضا عيني فنان. فاللقطات التي أخذها محمد أفندي للمحمل ولمسجد الرسول الكريم في المدينة، تمثل لقطات بارعة تحمل قيمة فنية الى جانب قيمتها التاريخية الواضحة لنا الان. جالت كاميرا محمد أفندي داخل الحرمين وحولهما مسجلة للتاريخ مواقع اختفى معظمها الان وصور أشخاص غير معروفين وإن كان يمكن للمرء استخلاص الكثير عن الفترة والظروف التي عاش فيها هؤلاء الاشخاص. ويعرض المزاد أيضا نسخة لكتاب «مرآة الحرمين» الذي ألفه رفعت باشا ويسرد فيه وقائع رحلاته الى مكة والمدينة في الفترة من 1901 الى 1908 كذلك الكتاب الذي ألفه علي بك حافظ بعنوان «الاصلاحات اللازمة لمرافق الحرمين الشريفين» وعليه إهداء من المؤلف لمحمد أفندي.


من الصور البديعة والتي تؤرخ لرحلة الحج التي قام بها محمد أفندي صورة نادرة للمحمل المصري والذي كان يحمل كسوة الكعبة الشريفة ويرسل كل عام من مصر الى الحجاز. وفي الخزانة الزجاجية التي عرضت فيها الصور التي التقطتها عدسة سعودي وضعت كاميرا صغيرة عتيقة الطراز لا يوحي مظهرها بجمال وابداع ما رأته عدستها والتقطته.


ويبدو أن كنز الذكريات الذي تركه محمد أفندي سعودي سيكون محط الانظار في المزاد المرتقب فإلى جانب الكتب والصور الي أرخت لرحلة في العشرينات من القرن الماضي للحجاز هناك أيضا مخطوطات نادرة بخط اليد للمفكر الاسلامي محمد عبده أهداها الشيخ الى محمد أفندي سعودي وهناك أيضا صورة فوتوغرافية تجمع بين الرجلين.


تتضمن مخطوطات الشيخ محمد عبده ترجمة لكتاب الجمهورية لأفلاطون ونصوص أخرى تتضمن كتابه الشهير «رسالة التوحيد» وأعدادا من «العروة الوثقى» وهي المجلة التي أصدرها الشيخ محمد عبده بالاشتراك مع المفكر الاسلامي جمال الدين الافغاني. ويشير ريتشارد فاتوريني من قسم المخطوطات والكتب بدار سوذبي الى أهمية المخطوطات التي ترجع للشيخ محمد عبده، خاصة ان عدد المخطوطات الموجود حاليا للشيخ محمد عبده هو أربعة فقط لكن مع اكتشاف المخطوطات الجديدة الثلاث فإن ذلك سيمثل «أمرا رائعا للدارسين والمكتبات المتخصصة» ويذكر فاتوريني أن عائلة محمد أفندي سعودي التي احتفظت بمخطوطات الشيخ محمد عبده لم تدرك مدى ندرة تلك المخطوطات التي ستتخاطفها الايدي عند بيعها ويتوقع لها سعر ما بين 12 و 18 ألف جنيه استرليني.


والشيخ محمد عبده ولد في عام 1849 في عائلة متواضعة في دلتا النيل وتعلم في الأزهر قبل ان يصبح أحد أهم الداعين لتجديد الفكر الاسلامي اعتمادا على الاجتهاد، مقتفيا في ذلك أثر جمال الدين الافغاني الذي قابله محمد عبده في المنفى في باريس.


رجل آخر حلت ذكرياته ضيفا على دار سوذبي في مجموعة انيقة متكاملة من الصور وقصاصات الصحف تروي سنوات قضاها أحمد محمد حسنين باشا في خدمة ملكي مصر السابقين الملك فؤاد والملك فاروق. المعروف عن أحمد محمد حسنين باشا أنه كان رئيسا للديوان الملكي في عهد الملك فاروق وكان رائدا للملك ومستشاره. ولكن حسنين باشا كان أيضا رحالة يعشق الصحراء وسجل وقائع احدى رحلاته الى ليبيا بالصور وأيضا بكتاب «الواحة المفقودة» الذي صدر بالانجليزية عام 1926. يقول فاتوريني إن حسنين باشا كان رجلا متنوع الاهتمامات فهو رحالة ومستكشف، تخرج من جامعة أكسفورد وقام برحلة مشهورة بالطائرة من لندن الى القاهرة.


ويتضح للمتصفح في مجموعة الصور التي تركها حسنين باشا كم من الاهتمام والعناية التي حفظت بها وكذلك المجلدات الانيقة والتي تحمل قصاصات الصحف التي تحمل صوره وأخباره، سواء أكان ذلك في مهامه الرسمية في مصر أو رحلته مع الملك فؤاد الى بريطانيا في عام 1927 والتي أرخ لها حسنين باشا بمجلدين من القصاصات من الجرائد العربية والبريطانية والتي عكست الحفاوة التي استقبل بها الملك في بريطانيا. هناك أيضا البوم يصور حسنين باشا مع أفراد العائلة المالكة المصرية وبرفقة الملك فاروق في المهام الرسمية والاحتفالات. وبالنسبة للكثيرين ممن يهتمون بتاريخ مصر الحديث فإن تلك الصور ترسم صورة قريبة من البلاط الملكي والملك فاروق الذي اختلفت حوله الروايات.


والطريف في مجموعة صور حسنين باشا هو وجود صورة للمصور محمد الغزولي الذي قام بالتقاط الصور له حاملا الكاميرا امام احد القصور الملكية.


مجموعة حسنين باشا يتوقع لها سعر يتراوح ما بين 25 الف الى 35 الف جنيه استرليني.


وفي جانب آخر من حجرة العرض بسوذبي تقبع مجموعة «أبو نظارة» وهي المجلة الساخرة التي أصدرها يعقوب صنوع في القاهرة في عام 1877. وعرف صنوع بسخريته الحادة وهو ما أهله للقب «موليير مصر» الذي عرف به. وصنوع هو أحد رواد المسرح المصري والصحافة المصرية الساخرة. ومن الصحف التي أصدرها تعتبر «أبو نظارة» هي الاشهر. وفي مرحلة من حياته نفي يعقوب صنوع الى باريس والتقى هناك مع جمال الدين الافغاني والشيخ محمد عبده ومصطفى كامل وغيرهم.


وعلى الرغم من الجانب العربي من المعرض قد يستحوذ على اهتمام الزائر المهتم الا انه من عدم الانصاف إغفال بقية الاقسام التي تضم مجموعة بديعة من الخرائط المرسومة باليد والمصورة باشخاص وأشكال تدل على كل بلد وطبيعتها. الى ذلك هناك العديد من كتب الرحلات والمجلات المتخصصة في التاريخ الطبيعي والتي تحفل برسومات شديدة الدقة والندرة لا يمل المشاهد من النظر اليها.


ويبقى القول بأن كل التوقعات تشير الى أن المزاد في الغد سيغلب عليه الحماس والترقب وتوقع الاسعار المفاجئة.






0 التعليقات:

إرسال تعليق